سن اليأس...هذا الإسم الذي يوحي في أذهان الكثيرات من النساء على اليأس بكل ما تعنيه هذه الكلمة من فقدان الأنوثة وعدم القدرة على العطاء، بل وأحيانا إنتهاء دور المرأة في الحياة كزوجة وإنسانة.
هذا ما تتخيله بعض النساء -للأسف الشديد- وكأنه بوصولها إلى تلك المرحلة سينتهي كل شيء في حياتها ولن يبقى معها إلا اليأس، حتى باتت هذه المرحلة شبحًا مخيفًا يطارد المقبلات عليها.
إلا أن الحقيقة كما يوضحها د.سمير الجزار أستاذ العلاج الطبيعى بجامعة القاهرة هى أن عبارة سن اليأس لها مدلول آخر غير هذا المفهوم الذى صار إليه العرف الشائع بين الكثيرات لأنها بذلك ناقصة وخاطئة، والمعنى الصحيح لها هو عدم القدرة على الإنجاب في هذه السن.. من هنا جاءت هذه التسمية..وسن اليأس هي مرحلة إنتقالية بيولوجية طبيعية في عمر المرأة مثلها مثل البلوغ والمراهقة والحمل والولادة، فهي ليست مرضًا من الأمراض ولا عرضًا من الأعراض المرضية حتى تخاف منه النساء.
كما أن سن اليأس ما هو إلا مرحلة إنقطاع الدورة الشهرية لفترة تزيد عن 6 أشهر، وهي ظاهرة طبيعية تحدث عندما تصل المرأة إلى المرحلة العمرية ما بين 45 و55 سنة، وتمثل مرحلة إنتقال من سن الخصوبة إلى مرحلة عدم القدرة على الإنجاب.
وتلك المرحلة تعتبر تجربة ذاتية تختلف من سيدة لأخرى، فبعض النساء تلاحظ تأثيرًا خفيفًا على الجسم أو المزاج، بينما البعض الآخر يعانين من تأثيرات مزعجة، وتعتبر الهبَّات الساخنة من أكثر الأعراض المرافقة لهذه المرحلة شيوعًا، حيث تصيب أكثر من 60% من النساء، وفيه تشعر المرأة بإحساس حراري مفاجىء في الجزء العلوي من الجسم أو في كل الجسم، يتوهج عندها العنق والوجه، وقد يترافق مع بقع حمراء على الصدر والظهر والساعدين، وأحيانًا يعقب التوهج فترة من التعرق الغزير، ثم يتلوها قشعريرة باردة عندما تبدأ درجة حرارة الجسم فى التكيف من جديد، وتستمر الهبات الساخنة لبضع دقائق، وأحيانًا تستمر لأكثر من 30 دقيقة، وهى تحدث في أي وقت من اليوم وتزيد حدتها نتيجة عوامل غذائية ونفسية مختلفة مثل تناول القهوة والمشروبات الساخنة والأطعمة الحارة وأيضا مع التعرض لحالات العصبية والقلق والتوتر الشديد.
كما يُلاحظ أيضا وجود بعض الإضطرابات النفسية، وهي من أشهر الأعراض المصاحبة لهذه الفترة من العمر حيث يضيق الصدر لأتفه الأسباب، هذا بالإضافة إلى القلق وعدم القدرة على النوم وتغير المزاج وزيادة الشكوك والوسوسة والإكتئاب بلا مبرر، كما تكون المرأة فى هذه المرحلة أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام، وقد أشارت الدراسات إلى أن المرأة ذات البشرة البيضاء ونحيلة الجسم أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام من ذات البشرة الداكنة أو تلك المصابة بالسمنة.
ويضيف الدكتور ان العوامل التي تؤدى الى زيادة الأعراض المصاحبة لهذه المرحلة يمكن حصرها كالعوامل الشخصية أو الدوافع النفسية كعدد فترات الحمل والإنجاب حيث تشير الدراسات أنه كلما زادت خصوبة المرأة تأخرإلى حد ما سن توقف الطمث، وايضا عمل المرأة فإن مشاكل فترة توقف الطمث تكون أكثر حدة عند ربات البيوت، عنها فى النساء العاملات، وسن الزواج فانه كلما تأخر سن زواج المرأة أدى ذلك إلى تقدم سن توقف الطمث.
ثم نجد عوامل شخصية وبيئية مثل مستوى المعيشة وطبيعة المجتمع الذى تعيش فيه، فنلاحظ ان سن توقف الطمث يأتى مبكرًا نسبيًا وبمشاكل أكثر -إلى حد ما- فى البلاد الحارة، وكذلك ذوات البشرة السمراء أكثر من البيضاء، وفى المجتمعات الزراعية أكثر من الصناعية.
وإن أفضل العلاجات المتاحة لأعراض تلك المرحلة هي العلاجات الطبيعية -الطب البديل- وذلك لما له من نتائج إيجابية وبلا آثار جانبية، حيث وجد أن 21% من النساء في هذه المرحلة يستعملن الطب البديل، وأن 25% من النساء يستخدمن الطب البديل مع الهرمونات البديلة، وايضا الفيتامينات المهمة مثل فيتامين ب، د، هـ، ج، وخاصة فيتامين د والذى يستخدم مع الكالسيوم فى علاج هشاشة العظام فى هذه المرحلة، ويكثر أيضًا إستخدام بعض المعادن الأخرى مثل أملاح الفلوريد والماغنسيوم.
وهناك بعض النصائح التي أثبتت فاعليتها في التصدي لنوبات القلق والإكتئاب المصاحبة لهذه المرحلة فأول شيء ينبغي عمله هو أن تحدد المرأة السبب وراء إحساسها بالإكتئاب وتعمل على تصحيحه مع ممارسة الرياضه الخفيفة واليومية للمحافظة على الصحة والنشاط والإكثار من الخضار والفواكه للمحافظة على الفيتامينات والمعادن المفيدة والإقلال من المواد الدهنية والأملاح، الإكثار من عدد ساعات النوم والإهتمام بالراحة الجسدية، إقامة الصداقات فلاشك أن السيدة في هذه السن الناضجة يمكنها إقامة صداقات مفيدة وهامة مع سيدات أخريات في مثل سنها، تقوم من خلالها بأنشطة مختلفة تهدف إلي صالح المرأة بصفة عامة.
الكاتب: ريهام عبد السميع.
المصدر: جريدة الأهرام اليومي.